برغم تهودهم  ..




أعجب احياناَ من قسوة بعض البشر تجاه البعض بالتعامل والتصرف والكلام القاسي والذي قد يسقط كرامة الإنسان  والذي لا يملك إلا ان يحوقل ليتلافى الدخول في دوامة التطاول أو زيادة سوء النقاش أو فقد من يحب .. فكيف إن كان بين شخصين كان الجامع بينهما (حب صادق) وحين أقول هذا فالمعنى أن هذه العلاقة إن استمرت فسيكون حالها طيب وإن انتهت من كلا الطرفين أو من طرف دون الآخر فستكون الرحمة والإحسان هي البديل عن الحب لان العشرة قد بنت بينهما أمورٌ كثيرة .

جاوره سنين عده.. اختلفت الديانات .. كان يهوديا متعصباَ لدينه وجاورخير الخلق(رسول الله صلى عليه وسلم) عمل ابنه لدى رسول الله فمرض فعاده مع الصحابة وحين وقف على رأسه. ماذا قال ..
قال له : اسلم
فأمره ابيه بطاعة ابا القاسم برغم شدة تهوده ( وذلك لما رآه أقرب لله )
ففرح سيد الخلق وقال ( الحمد لله الذي انقذه من النار )
ومن منا لا يعرف قصة اليهودية... والكلب ( والرحمة التي كانت سببا لدخولها النار بالرغم من أنها زانبة )
والغرض .. أنه لولا تعامل  الرسول صلى الله عليه وسلم مع هذا الغلام وأبيه  بحب صادق وخلق حسن والذي من خلاله ترك اليهودي ابنه ينطق الشهادة ويترك دين آباءه.
فإن قيل انه محمد وهو رسول لا ينطق عن الهوى وأين نحن منه.. قلت لنا في صحابته وتابعيه خير مثال، ولنا في كثير من البشر هذا اليوم أيضاً خير مثال .. فإن قيل: فلان من الناس وهو من خيرة الملتزمين يفعل كذا .. قلت: وإن كب نفسه في النار أوَ تابعه أنت ؟؟
فإن كان التعامل مع الجار والغريب لابد أن يكون هكذا.... فكيف بمن تحب وتعاشر وتهنأ وتعيش وتأكل وتشرب وتسرد له أحداث يومك.. كيف ينتهي المطاف بسوء التعامل ؟؟ كيف ترد على محبته لك بقبيح اللفظ ؟؟ كيف ترد على توسله إليك بتجبر وقسوة وجمود وانعدام إحساس؟؟ كيف تأتي إليه بعد عشرة جميلة واحداث عديدة لتقول له أنك لم تعد تريده ؟؟؟ وإنه أصبح عثرة بعد أن كان كل شيء ؟؟ كيف تجعل نفسك ميزاناً وتضع الحكم وتنطق به وتنفذ .. لتقتل نفساً أحبتك بكل صدق وعاشرتك بكل وفاء وأخلصت لك حاضراً كنت أم غائباً.
عاشرها لسنتين ونصف وشارفت على الثالثة..أحبها بكل صدق وبادلته الشعور .. لم ينفصلا إلا لظروف العمل وحين يلتقيا يكون الشوق سابق .. والحديث له شجون .. والوقت ليس له حساب .. والابتسامة لا تفارق الشفاه.. وسرد الاحداث ليس واجباً بل متعه يمارسونها كل يوم كالأكل والشرب .. يتفقان يختلفان ككل البشر الطبيعيين وما إن يلتقيا حتى يزول كل أثر لأي شحناء وضيق وهكذا كانوا وهكذا رَسمت الحياه أمامهما طريقاً صنعاه بمشاعرهما .. حتى أتت لحظة كانت من الغرابة أنها جعلتها تشك أنها مزحة بل ودعابة ليتأكد من حبها له أو ليجدد العهد من جديد حين يذكر الفراق .. وحين جددت العهد بحبها الذي فاق تصور البشر ( ولا أبالغ ) أكد لها أن الأمر ليس دعابة بل حقيقة وان الحب في قلبه انتهى ,  هكذا بدون أي سبب وعلل ذلك بقول ( لم تفعلي لي شيئاً والعلة بي أنا فقدت كل أحساس لك واريد حريتي  وراحتي ) لم تستوعب المقال وحين ذكرته بما سبق قال : كنت أكذب  ولم أصدق بمشاعري؟؟؟
هالها الموقف واستجمعت قواها ورفضت المغادرة علها تجد الأسباب ..
هددها بقوله: سترين سوء المعاملة مني
قالت : لابأس ..
وافقت لتأكدها بأنه أبداُ لن يسئ لإنسانه أعطته كل شيء حين اراد وارادت  .. كانت له أماً تسهر على راحته وتبكي لمرضه وأختاً تعينه على كل شيء وصديقة يستشيرها في بعض أموره.. وحبيبية يجد لديها الراحة والأمان دوناً عن كل البشر ( وهو  قوله لا قولها ) .
ولكنها صُدمت .. لأنه حقاً كال لها الويل في التعامل .. وسوء العبارات بعد جميلها .. أغلق أذنه عن السماع .. أبعد قلبه عن النبض . .. حجر عقله عن التفكير .. أنكر الوعود وجحد العهود .. ومسح كل شيء وكأنه لم يكن .
  حاولت بشتى الطرق ومازالت تحاول علها تجد بصيصاً من نور .. مشاركة الله سبحانه وتعالى بألمها وضيقها دعاية بأن يفتح الله عليه .. لثقتها بأن من يفعل ذلك هو ليس عشيرها أبدا وحين يُتكلم عنه بالسوء لا ترعي للكلام بالاً ولسان حالها يقول ( لا أحد يعرف قلبه وحاله مثلي ) حتى وأن كان حديث نفسها.

هل هذا هو المسلم ؟؟
أوَ نُِصِل ونعبد الله ونسجد وندعي ونطلب خيري الدنيا والآخرة ونتعامل بسوء الخلق والظلم ونجحد العهد مع الله والوعد الذي اؤتمنا عليه ؟؟؟

عجبت لمن يُسألَ عن هذه التصرفات مع أي من البشر فيقول : حقه وماجاه ..  ؟؟؟
ومن أين هذا الرأي ومن حدد كيفية التعامل مع الناس.. ونختار من نتعامل معه بتعقل وخلق .. ومن نتعامل معه بلؤم وسوء. ولماذا دوماً من يصدقون بمشاعرهم نحونا هم الحلقة الأضعف والكيل لهم وعليهم يقع الظلم.

ولكن كلمة الحق التي تقال في هذه المواقف أن سوء الخلق والتجبر وبذئ الكلام وفحشه والظلم لا يقع منا إلا لمن نستضعفه او الجزء الأضعف في المسألة والذي نستطيع ان نفلت من أي حق ومستحق له  بدون أدنى مبالاة .. بل قد نشعر بالراحة لخلاصنا منه برغم ألمه وما وقع عليه من ظلم لمشاعره وحياته .. وقد يكون اننا قد اخذنا منه كل شيء وبالمقابل لن يأخذ منا أي شيء .
ولكن من كان مرادنا إليه ورغبتنا تميل له .. فيكون حسن الخلق والاحترام له ومن نصيبه.. وبدون طلب منه أو حتى علمه .. نبني  له حياة جميلة ونعطيه أصدق المشاعر فقط لكوننا نحن نريد . وغفلنا ان الله قد يجعل الدائرة علينا ممن نحن نريده ونسعى له .

نعم نحن من نريد .. ونحن من يفعل .. ونحن من يظلم .. ولا تقولوا أقدار الله .. فالله وضع الخلق الحسن ووضع الظلم والحق والعدل و الصبر والتنازل والتجبر والقسوة  والحب بيننا .. وجعلنا بخيار بين كل هذا .. إما أن نعدل ونحسن الخلق ونُنفذ الوعد والعهد الذي قطعناه ونكون من أهل الجنة بإذنه .. أو أن نظلم ونقهر ونؤذي ونخلف الوعد والعهد ويكون الحساب مع الله .
وهكذا برغم تهودهم كانت الرحمة والفكر السليم الطريق لنيل ما عند الله .. أما اسلامنا وفهمنا وإدراكنا اصبح بين طريقين نحن بخيار بينهما ..
فأحسنوا اختيار الطرق ولا تظلموا من أهداكم صدق المشاعر والوفاء.


    

0 التعليقات:

إرسال تعليق