الطبيب ... والاستشارة النفسية

عملية جراحية بسيطة تكاد تكون مجدولة يوميا في مستشفيات المنطقة العامة والخاصة انتهت بوفاة طفل لم يكمل أعوامه الخمسة والذي لم يتحمل جسمه الهزيل تبعات هذه الجراحة.. إنهار الوالدان وكذلك كل من له علاقة بهذا الطفل والذين مُنيوا بوعود وتساهيل ونجاح هذه الجراحة .. ولا اعتراض لقدر الله.. ولكن ؟؟
شيخ كبير .. امرأة مسنه يخوضان جراحه قد تودي بحياتهما ومع ذلك فقد أقبلا عليها بإصرار للبحث عن الراحة في ما تبقى من العمر ... وأيضا مُنيوا بالوعود ونجاح هذه الجراحة .. وكلاهما يرفل في ثوب الصحة والعافية الآن .. ولا اعتراض لقدر الله.. ولكن ؟؟؟
ما لفرق بين الحالتين بالرغم من بساطة الأولى وصعوبة الثانية ؟؟ هل هي بنية الجسم ؟؟ أم المعدات والأدوات ؟؟ أم  براعة الجراح ؟؟ أم ماذااا ؟؟
وإن كانت جميع تلك الأمور هامة وضرورية وتعقب التوكل على الله سبحانه وتعالى بالدعاء إلا ان العامل الأساسي والضروري هو صدق الجراح والطبيب المعالج مع المريض وذويه ناهيك عن وجود المستشار النفسي والذي لابد من تواجده في تلك اللحظة حتى يهيئ المريض ومن معه للأمور النفسية المترتبة على إجراء الجراحة من ألم وإرهاق وتعب وفترة نقاهة طويلة كانت أم قصيره ووضع جميع الاحتمالات من نجاح او فشل أو فقدان عضو او حرمان من أكل معين أو أي أمر كان حتى يتقبل الأمر ولا يصاب بالاكتئاب والذي قد يتطور إلى حالة من الانطواء والصمت أو الجزع والذي بدوره يتجه أحياناً إلى نزعة انتحارية .
سيقول البعض أن هذا الكلام فيه نوع  من المبالغة ولكن الأحداث التي نراها امامنا والقصص التي نسمعها من اناس تعرضوا لهذه الأمور وأصبحوا نزلاء العيادات النفسية والتي أكد أطباؤها حين السؤال أن معظم مرتاديها ممن لم يُصْدق معهم قبل الجراحة ..
إنسانة تحكي لي بانها لو كانت تعلم أن جراحة تصحيح النظر ستقلب الأوضاع وستعاني من عكس ماتعاني منه الآن لما أقدمت عليها وخسرت المال ووفرت الوقت والتعب والإجهاد الذي أصابها بعد هذه الجراحة التصحيحية .. وقالت بتهنيده مؤلمة : ليته أصدقني القول وذكر لي أنه من الممكن أن لا تؤتي الجراحة ثمارها المرجوة والتي كنت أعقد عليها آمالا كثير فتحطمت آمالي امام عدم تأديته لواجبه .. وعدم استشارتي لمستشار نفسي حين أقدمت عليها لتقبل الأمر الناتج عنها .
في حين أن أخرى احجمت عن هذه العملية التصحيحية حين علمت بهذا الأمر .. ولله در هذا الطبيب الذي آثر الصدق وأدى العهد الذي عاهده الله حين تخرج على بعض المال الذي سيجنيه من هذه المريضة .. فكان لها حق الخيار والقرار بعد معرفتها لجميع الجوانب السلبية والإيجابية لهذه الجراحة.
وليس معنى هذا ان المريض مرفوع عنه القلم بهذه الامور .. ونحن لسنا بصدد الحديث عن آباؤنا وامهاتنا من الجيل القديم والذين لا يعرفون القراءة والكتابة ولكن اليقين لديهم قوي ولكني بصدد التحدث عن هذا الجيل المتعلم ذو الشهادات العالية والتخصصات النادرة والذي أهدر حقوقه ومطالبه وأقدم على هذه الجراحات الغير ضرورية احيانا ولكنها تجميلية أو تصحيحية لانعدام الصبر ولإرادته الكمال وذلك في قبوله الكلام من الطبيب دون السؤال والاستفسار والاستشارة وطلب الخيرة من الله سبحانه وتعالى ، حتى إن كان ما كان يظل قلبه مطمئناً أن الله قد أختار له الامر الصحيح .. فيكون القلق والاكتئاب بعيد عن حياته وناظريه .
من الضرورة في بعض البلاد المتقدمة ان تجد في المستشفيات العامة والخاصة المستشار النفسي والذي يحظى بخلفية كاملة عن كل مريض يحتاج إلى جراحة بسيطة كانت او حرجة أو مريض يحتاج للغسيل الكلوي أو لبدء العلاج الكيميائي لمرض السرطان وغيره .. فتجده يهيا هذا المريض نفسياً لتقبل الأمر بكل ما يستطيع من صبر وتوكل ويرسم أمامه جميع الطرق المحتملة لهذا الإجراء بالتعاون مع الطبيب وهو المفروض .. وذلك لأنهم يهتمون بالفرد والإنسان ويعتبرونه ذو قيمة عالية جداً ولابد من الحفاظ عليه بكل الطرق الممكنة بالرغم من مادية هذه البلاد.. فكيف بنا ونحن بلدً اساسه الدين الإسلامي والذي اعلى شأن الإنسان وجعل الملائكة سجداً لاب هذه البشرية وهدد وندد وتوعد من يقتل هذه النفس متعمداً أو يتعمد الإهمال ... ناهيك على مجانية هذه الأمور وهي نعمة نحظى بها دوناً عن أي بلد آخر .

لذلك فالحري بكم عدم الاعتماد على ما يقوله الطبيب في الحالة او الصيدلي حين يصرف الدواء ويكتفي بتحديد الجرعات فقط أو النجار حين يصف السلعة او البائع حين يمتدح البضاعة بل تتقفوا ، اسالوا، اقرأو يا أمة القرآن لا تعتمدوا وتتواكلوا ومن ثم تلوموا ولا تصفحوا وتكيلوا الدعاء ، فهذا والله هو بداية إضاعة حقوقكم وهو بالأمر اليسير فكيف بغيره من عسير الأمور . 


0 التعليقات:

إرسال تعليق