ابتعاثي باختصار

بواسطة Clip Birds يوم السبت، 31 أغسطس 2013 القسم : 0 التعليقات
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبي الرحمة صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيراً إلى يوم الدين أما بعد:

مقدمة مختصرة:

تبدأ قصتي من تخرجي من كلية الجبيل الصناعية (دبلوم) وحيث أن الطلب في سوق العمل يتمركز على درجة البكالوريوس وما فوق فأدركت أهمية حصولي على هذه الدرجة ومع إلحاح الوالدة أطال الله عمرها بمواصلة الدراسة حتى وإن دعا الموضوع إلى أن تتكلف هي شخصيا ووالدي بتكاليف الدراسة.
كان رأيي بأن أكمل الدراسة ولكن إما بالسعودية أو الدول المجاورة لعلمي بحال دول الغرب وأنها لا تصلح للعيش وما يحصل من فتن و و...
لكن ما هي إلا أشهر عديدة حتى "طـُـلـب" من أختي العاملة بجامعة الدمام مواصلة دراستها والحصول على الدكتوراة من جامعة مانشستر –بريطانيا- وإلا فإنها ستضطر لمزاولة العمل في المستشفى التعليمي بالخبر فكان أشبه بـ إما الشهادة أو الانتقال.
رافقها والداي في بادئ الأمر لمدة فصل دراسي واحد وذلك للاطمئنان من وضع المدينة أمنا ونقلا وسكنا...
وعند عودتهم كان حديث الوالد معي كمن يطلب العون والفزعة فما كان مني إلا أن استقلت من الشركة ذات الراتب الزهيد التي كنت بدأت العمل بها وقلت له حتى وإن لم يتيسر لي الدراسة ورافقت أختي لأكفيك من تعب الموضوع هذا إلى أن تنتهي أختي من دراستها فهو خير بإذن الله.
هذا باختصار سبب قبولي الذهاب للدراسة في بريطانيا وإلا فأنا كنت وما زلت ضد فكرة الدراسة بالخارج حتى وأنا أدرس حاليا بالخارج.


تفاصيل ومواقف:
المدينة التي أتواجد بها هي مدينة مانشستر شمال بريطانيا وينتشر فيها الإسلام لتواجد الجاليات الإسلامية والعربية بشكل ملحوظ فهذا يسهل كثير من المسائل أهمها الصلاة في حالة التواجد خارج البيت "السوق مثلا".
خلال فترة تواجدي لم يحصل لنا مضايقات تذكر ، لا من جهة حكومية ولا من الشعب وذلك يرجع لوجود الأنظمة الرادعة لأي شكل من أشكال العنصرية.

حصل مع الوالدين وأختي موقف عندما كانوا في رحلة إلى سكوتلندا الواقعة شمال بريطانيا وهي إحدى دول المملكة المتحدة فالنظام واحد والقانون واحد، ركبوا سيارة أجرة فرفض السائق أن يقود بهم وذلك لارتدائهم النقاب فقال إما أن يكشفوا النساء أو انزلوا فنزل الأهل وركبوا في السيارة الأخرى وقد لاحظ السائق أنهم ركبوا مع الأول ونزلوا فسألهم وأخبروه بما حصل فقال لهم لو اشتكيت عليه يفصل من عمله ويسجن ويدفع لكم غرامة.
وأما أنا فحصل لي موقف وهو أنني كنت أمشي مع أختي باتجاه إحدى المحلات التجارية فواجهنا أحد المارة وبدأ بالتلفظ علينا بقبيح الكلام فأكملنا طريقنا كأنه لم يتحدث وذلك تجنباً لأي مشكلة.

بُعيد أحداث النيجيريين الذين قتلا أحد المواطنين البريطانيين بشكل بشع مما أثار حفيظة الكثير من السكان، أتانا تحذير من الملحقية بشأن عدم الرد على أي إساءة ومراعاة الأوقات التي يخرج فيها من البيوت وكذلك الأماكن ألا تكون أماكن مشبوهة أو مظلمة تجنباً لأي إشكالات قد تحدث كردة فعل على إثر تلك الأحداث. طبعا بالنسبة لي أنا وأختي ولله الحمد منذ أن دخلنا تلك البلاد جرت العادة أننا نخرج في أوقات النهار ولا نخرج إلا وقد رتبنا مسألة المواصلات ونحرص ألا تغرب الشمس إلا ونحن باتجاه البيت إن لم نكن في البيت. قد يستغرب البعض هذا التشديد وأعرف بعض زميلات أختي قد يقلن أنهن يخرجن في أوقات من الليل ولم يحصل لهن شيء ولكني أتساءل ماذا لو حصل شيء؟ لأن الشوارع تمتلئ بالذاهبين للحفلات والشرب فماذا يتوقع أن يصدر ممن غيَب المسكر عقله، ولذلك فإني أشتري راحتي ولا أجعل من نفسي عُرضة لأي موقف لا أحسد عليه.
أشد ما كنت أخشاه أن أتقابل مع بعض بناتنا المسلمات "السعوديات" تحديدا من اللاتي يقمن بنزع الحجاب لأنني لا أحتمل أن أرى مثل هذا المنظر. في بادئ الأمر رأيت بعض الأخوات اللاتي استبدلن العبائة بغطاء الرأس فقط ، وهناك من أبقت العبائة وكشفت وجهها وهناك من استمرت على حجابها نسأل الله لأخواتنا الهداية والثبات على ما يرضي الله. وكنت أتعجب لأن الضرورة لم تحصل ولم يضيق عليهن وأتذكر بعض أخواتنا في فرنسا اللاتي ضُيق عليهن وما زلن يتمسكن بحجابهن فأزداد عجبا.

استوقفني أحد الإخوة السعوديين ذات مرة وكنت أمشي مع أختي قريبا من منطقة مركز المدينة فانعزلت أنا وإياه عن أختي وقبل أن يسألني قدم الأعذار لسؤاله لاعتباره أمرا شخصيا فقلت له تفضل فقال: هل تجدون إشكالا من إبقاء أهلك على حجابهم أم أنكم تواجهون بعض الإشكالات لأنني أتيت الآن لوحدي وبإذن الله ما هي إلا فترة وسآتي بزوجتي ونحن متخوفين من مسألة الحجاب أن يضطروا للكشف أو ما أشبه ذلك. فأجبته وطمأنته أن النظام في حال ضايقك أحدهم وأنني على فترة تواجدي لسنتين لم يواجهني سوا موقف أو موقفين بالكاد تذكر.
بحسب التخصص الذي أدرسه فإن كثير من المهام التي نقوم بها سواء كأعمال سنة أو تمارين فإنها تعتبر مهام جماعية أي أنها تعتمد على تكوين مجموعة من الطلاب ليأخذ كل منهم دور لتنفيذ هذه المهمة أو هذا التمرين.
من توفيق الله كانت المجموعة التي عملت معها كانت مجموعة من الشباب وليس معنا بنات وبين هؤلاء الشباب باكستاني مسلم وأما الطالبين الآخرين فهما بريطانيان من أصول نيجيرية وهندية وليس لنا أي تواصل مع البريطانيين إلا بشكل بسيط جدا لا يكاد يذكر.

استمر الوضع كما هو عليه حتى جاءت إحدى الطالبات وكانت لم تحضر الأسابيع الأولى من الدراسة وقالت ليس لدي مجموعة أعمل معها فما كان من المعلمة إلا أن تدخل الطالبة هذه معنا مما ضايقني ولكن ليس لنا حيلة فيما حصل. طبعا لا أظن أن المدرسة فعلت هذا خبثا منها لكن قد يحمل فعلها على طبيعة ما ينشأون عليه هناك وهو تساوي الفرص للجميع ومنه المساواة في نسبة الذكور والإناث في المجموعات ومجموعتنا كانت الوحيدة التي لم تكن تحتوي على بنت حتى أدخلتها المعلمة معنا.

السلبيات:
من مساوئ الابتعاث في نظري الشخصي أن يستسهل الطالب أو الطالبة التخاطب مع الجنس الآخر سواء رجال أو نساء وذلك أعزوه إلى اعتيادهم على التخاطب في هذه البلاد الأجنبية ولمدة لا تقل عن الثلاث سنوات في أحسن الأحوال فيرجع لك جيل يستسهل التحدث وقد كنا نراه أمرا لا يمكن الحدوث.

أيضا من المساوئ كثرة البنات اللاتي يبقين وحدهن في بلد الابتعاث فهن يأتين مع مرافق وفق النظام وبمجرد أن يتم إرسال وثائق دخول المبتعثة ومرافقها للبلد إلى الملحقية  يغادر المرافق عائدا إلى الوطن وتبقى هي هناك تدير شؤونها بالكامل. وفي إحدى المرات تم قطع مكافأتي كمرافق لأختي وعند مراسلة الملحقية قالوا بعض البنات يفعلن هذه الحركة وتبقى لوحدها وتأخذ راتبين (راتبها كمبتعثة وراتب مرافقها "الغير موجود") ولذلك قمنا بإيقاف الصرف لكل المرافقين فنبهناهم إلى أننا قد أرسلنا وثائق دخولنا وأننا نتبع النظام كما ينبغي فأعادوا صرف الرواتب الموقفة ولكن هذا يؤكد وجود بعض البنات المخالفات.

كذلك من السلبيات تدني المستوى في اللغة العربية وذلك لقلة استخدامها والتي أعتبرها ركيزة مهمة لقارئ القرآن حتى أنك قد تتحدث مع مبتعث فيأتي في معرض كلامه بكلمات إنجليزية وذلك لأنه لا يستطيع تذكر مرادفها بالعربية.

أيضا من السلبيات المسائل المتعلقة بالولاء والبراء فكم نرى ونجد من المنبهرين بتلك الشعوب وثقافاتهم وأفكارهم والتي إن حسُنت فلا شك أن لها أصلا في الإسلام كالعدل والأمانة فيغتر بعض إخواننا بزيف حضاراتهم. صحيح أنك قد تجد من يحسن المعاملة معك ولكن يبقى مسألة أنك مسلم وهو كافر ولكلٍ مقامه لكن مَن مِن أبناءنا من تعلم عقيدة الولاء للمؤمنين والبراء من المشركين ويستطيع أن يفرق بين الإحسان لغير المسلمين بهدف دعوتهم وبين الانقياد خلفهم بحجة حسن المعاملة!؟.


الإيجابيات:
لمست روابط الإخوة بين المسلمين خصوصا في مناسباتنا كالأعياد ورمضان فقد مر علي رمضان وعيدان هناك، ويحصل أنك تقوم بعد انتهاء خطبة العيد فتسلم على إخوانك من شتى الجنسيات والأصول وتبارك لهم بالمقولة السائدة هناك "عيد مبارك أخي". كذلك في موقف ذكره لي أحد الإخوة الجزائريين أنه يعاني مع أحد أبناءه الصغار مسألة محاولة تحبيبه بأعيادنا لأن مظاهر العيد تكاد تكون ضعيفة بالمقارنة بعيد الكريسمس أو أي مناسبة خاصة بالنصارى لأن الطفل يجد المدرسة وقد تزينت وتبدأ المهرجانات والألعاب والاحتفالات والهدايا والحلوى مما قد يترك أثرا فيهم ، فيقول لي الأخ أنه ومجموعة من الجزائريين والسودانيين يحاولون تعويض هذا النقص بتنسيق الاجتماعات وإن كانت ستكلف ما تكلفه إلا أنه يريد ترسيخ أعيادنا كمسلمين في نفوس أبناءه فأكبرت همته وهمة الإخوة الذين يعمل معهم.

بشرى:
ولله الحمد ولا أقول هذا الكلام إلا عن ملاحظة لاحظتها شخصيا وهي إقبال كثير من الفتيات على الحجاب وبشكل ملحوظ لدرجة أنك لا يكاد يمر عليك اليوم إلا وترى إحدى الأخوات وبحجاب ساتر وإن كان حجابا سيستغرب لو لبسته في السعودية نظرا لاستبدال اللون الأسود المعتاد في السعودية بلون داكن لتجمع بين مسألة الستر واتقاء النظرات المستغربة للون الأسود. علما بأنني لست شخصا شديد الملاحظة وذهابي لمنطقة السنتر "مركز المدينة" ليس بالذهاب الكثير إلا أنني لاحظت هذه الظاهرة وهي ظاهرة المنتقبات فانشرح صدري وأصبحت أدعو لكل من رأيتها بأن يحفظها الله وأن يثبتها ويردها لأهلها سالمة غانمة.


الخاتمة:
هذا ما استطعت جمعه فإن وجدتم به حاجتكم فهو من توفيق الله وإن لم يكن كذلك فأعتذر والخطأ من نفسي والشيطان.
وفقنا الله وإياكم لخدمة دينه وحفظنا وإخواننا المسلمين والمسلمات في كل مكان.

أسأل الله أن يوفق إخواننا الطلاب وأن يردهم سالمين غانمين وأن يحفظهم ويثبتهم على دينه.



بقلم المبتعث شخصياً أسأل الله له التوفيق والسداد 

الاسم : سمير القرني
المدينة : مانشستر - بريطانيا -
الجامعة : جامعة مانشستر متروبوليتان Manchester Metropolitan University

إقرأ البقية

الصداقة والحب

بواسطة Clip Birds يوم الأربعاء، 21 أغسطس 2013 القسم : 0 التعليقات
هي قصة كسائر قصص هذه الدنيا .. خاضها البعض بل الكثير منا .. والمتوقع أن الكل قد خاضها . منا من كان التوفيق حليفه ومنا من كان العكس وهي معركة
( الصداقة والحب ) وحسن الإختيار .. قد تكون أنت البادئ وقد تكون أنت العكس أي من يتم إختيارك .. وتبدأ المراحل من رؤية المصادفه أو الدراسة في مرحلة واحده ولكن في النهاية تكون البداية .. ومنها يكون التعرف على العادات والطبائع والإختلافات والتشابة والإصطدامات والغيره والتعبير ومحاولة كلا من الطرفين للفهم والتفهم .. والمفارقة أنه من المستحيل أبداً أن يحب الطرفين كلاهما بنفس الكم والكيف .. بل يكون أحدهما يفوق الآخر حباً وإهتماماَ مما يجعل الأمر به نوعاً من الظلم للطرف الإخر إن لم يتم التقدير أو الإحساس .


ومن هنا تكون البدايات للنهايات .. كما هي النهايات للبدايات .
إقرأ البقية