رسالة خطية ( 1 )

بواسطة Clip Birds يوم الأحد، 1 فبراير 2015 القسم : 0 التعليقات

رسالة بعثت لي من قبل طالب مبتعث  متعجب من تصرف زميل له يطلب الرأي والمشورة والتي لم أستطع أن أقدمها له لعدم قدرتي على الحكم على الطرف الآخر فالسماع من جهة يعني ظلم الجهة الأخرى إن لم نسمع التبرير الحقيقي للتصرف فليس الحكم لما نعتقده بل الحكم لما يتم تفسيره من الطرف المتصرف وهذا ماينص عليه ديننا وشرعنا قال تعالى : " وَمَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا (28) سورة النجم , وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ: إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ ، فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ ، وَلاَ تَحَسَّسُوا ، وَلاَ تَجَسَّسُوا ، وَلاَ تَحَاسَدُوا ، وَلاَ تَدَابَرُوا ، وَلاَ تَبَاغَضُوا ، وَكُونُوا عِبَادَ اللهِ إِخْوَانًا.
أخرجه أحمد 2/312(8103) و\"البُخاري\" 6064 وفي \"الأدب المفرد\" 410.
فسوء الظن يؤدي إلى الخصومات والعداوات . وليس فقط ذلك بل قد يؤدي إلى مشاكل لاحصر لها تصل أحياناً إلى التقاطع والتدابر والبغض وغير ذلك من الأمور..
ونص الرسالة باختصار كالآتي (  ابتعثت لبرنامج الدكتوراه منذ اكثر من ثلاثة أعوام متزوج ولدي من الأبناء نعمة ولله الحمد تعرض والدي لنكسة صحية أدخلته للعناية المركزة فقررت الاستئذان من البرنامج والذهاب للوقوف مع اخوتي في هذا الموقف وكنت متردداً بعض الشيء فاستشرت زميل لي ماذا يفعل بهذه الحالة لعلمي بسداد رايه في بعض الأمور التي واجهتنا معاً ولضيقي الشديد من هذا الخبر , وصدمت برأيه والذي قال فيه : لماذا تذهب وله من الأبناء غيرك كثير ودراستك أهم من أي شيء آخر وأنت لن تفعل له شيء فهو في العناية .. برأيي أن تكون على تواصل دائم معهم وقد قربت التقنية كل أمر وتظل هنا وتكمل ماعليك لأنه قد يؤدي ذهابك إلى إقصائك من البرنامج .. لا أعلم ماهو الشعور الذي انتابني في تلك اللحظة هل هو الندم على الاستشارة ؟؟ أو اكتشافي لجانب غير طيب في شخصية من كنت أحسبه الصاحب والقريب ؟؟ أم تأخري في اتخاذ القرار ؟؟
بعد تلك المحادثة خرجت بدون أن أُعمل الفكر مرة أخرى فحجزت وقدمت العذر وتوجهت
لأهلي محتسباً الله ان ييسر لي أموري ويرزقني على نيتي .. وكان ذلك فقابلت والدي وماهي إلا أيام معه حتى دخل في غيبوبة تامة .. فهاتفني صاحبي يسأل عن الحال فقلت له ذلك فعاود الكلام لي بأن لما الجلوس إذا عد وأكمل دراستك ولم أرد عليه بل صمت وفي داخلي أن لاأسمع أي رأي في ذلك لمعرفتي أن آخر البر بالوالدين في الدنيا هو تغسيلهما ودفنهما .. كتب الله قبض روح والدي في هذه الغيبوبة فحمدت الله واسترجعت وشكرت الله لتواجدي ليراني ويرى أبنائي وتغسيله ودفنه .. بعدها عدت لبرنامجي والذي ولله الحمد قُبل فيه عذري وتيسر فيه أمري وأتممت فيه برنامجي دون أي عراقيل .. ونصيحتي لكل إنسان وليس فقط المبتعثين لا تتوانى في وصل من تحب وخاصة والديك لا تستشير في أمر من تهتم لأمره أحداً غير نفسك وإلهك فقد يشير عليك بأمر هو عامله لقسوة في قلبه أو لتعلقه في مكانه أو لهروبه من مسؤولياته أو لأنانيته أو لأنه لا يحكم عاطفته وعقله سواء بسواء بل قرر أنت واعزم وتوكل فقد تندم بعد ذلك في وقت لا ينفع فيه الندم حين يواري التراب من تحب وبعدها لن ينفعك شيء أبدا )
انتهت الرسالة والتي اختصرتها قدر الإمكان .. ومنها لن أقول بصحة وخطأ حكم الشخص الآخر لأنه بنى هذا الرأي من ظروف نحن لا نعلمها ولا نستطيع أن نحكم عليه بأي أمر قد يكون فيه من سوء الظن الكثير .. هذه وجهة نظره وليس لك أن تأخذ بها بل طرحها لقدومك إليه وطلبك الاستشارة فإما أن تعمد إليها أو أن تتركها فهو لم يجبرك .. ولكن أنظر إلى تواصله وحرصه في السؤال فهو يعد مؤشرا طيبا لما يكنه بداخله .. لابد لنا من النظر دوما لإيجابيات وسلبيات الأمور وخاصة إن كانت أموراً دنيوية لا اخروية والتي لا يتجادل فيها اثنان .. فإن رجحت السلبيات فاتركها وإن غلبت الإيجابيات فاعقلها وتوكل .

هذه هي الرسالة الخطية الأولى .. حتى ألقاكم بالرسالة الخطية الثانية والتي أترك فيها لكم النظرة الصحيحة للصاحب والاستشارة والتفسير وحسن الظن ومدى تأثيرها على العلاقات بيننا . 

0 التعليقات:

إرسال تعليق