باب الجنة ... وصرير العجل

بواسطة Clip Birds يوم الأحد، 27 يونيو 2010 القسم : 5 التعليقات


على صرير دوران العجل واختلاطه برائحة الأروقة الطبية في مقر العيادات الخارجية لأحد المستشفيات الحكومية عاد فكري إلي بعد أن كنت سارحة في مهد أحلامي وانتظاري لأحد الأشخاص في هذا الوقت..
لأرى أمامي رجلا في العقد السابع من عمره أو يزيد والذي ذهب معظم بصره،هزيل الجسد،مطأطئ الرأس
أنهكته الحياة وأثقلته بالأمراض،يدفعه عامل أجنبي..
وحين مر بقربي نادى لذلك العامل بصوت متكسر..يا فلان( هل هناك ماء) حينها نظرت إليه
فوجدت شفتيه أشد تشققاً من الصحراء الشاسعة والتي لا حياة فيها كمشاعر ذلك العامل
والذي رفع صوته عليه بقوله(ما فيه بابا)..والماء متوافر وليس ببعيد..ولكن!!!
ثم عاد مرة أخرى ليسأله عن الموعد فماكان منه إلا أن أدخل يده في جيب ذلك الرجل المسكين ليخرج منها لفافة
تم تجميعها بعقد مطاطي تحوي جميع المواعيد فاستل ورقة منها بكل توتر وضيق وألصقها على عينيه
ليقول( بابا موعد خلاص)
فتأسف لضياع موعده وأمر العامل أن يذهب به لإدارة المستشفى وأبى ذلك العامل وادعى عدم معرفته بالمكان
فماكان من أحد المارين إلا أن هب ليساعد ذلك العامل في معرفة المكان..
فذهب العامل متبرماً ساخطاً لأنه يريد الخروج لاالعودة..
توقعت أن تكون هذه هي نهاية الحكاية وماهي إلا لحظات وعاد صوت ذلك الصرير مرة أخرى ورأيت العامل يعود
بذلك الشيخ دافعاً إياه في ذلك الممر والذي به العيادة وحين أقبل على بابها لم يسع الكرسي المتحرك الدخول
مباشرة فما كان منه إلا أن رفع الكرسي المتحرك للأمام ومال به للجنب محاولاً إدخاله ..
فتشبث ذلك الشيخ بكلتا يديه حتى لا يسقط من على كرسيه.مشيت في طريقي ولسان حالي يقول ..
ماذا سأرى بعد ذلك من عقوق للوالدين وتركهم وهجرهم والتبرم من مساعدتهم والضيق من طلبهم.
فطرق في ذهني ذلك الرجل الذي كان يعتمر بقربي ويصيح بالذي يدفعه بسرعة جنونية أن يترفق به حتى يستطيع الدعاء وأبناؤه يسيرون في مسارهم الخاص بهدوء وروية وخشوع غير عالمين بحال والديهم.
وحين أقبلت ورأيت والدتي وهي تبتسم لرؤيتي..حمدت الله أنني من قضى لها حاجتها ولم أُوكلها لأحد..
فماكان منها إلا أن عاجلتني بدعوة لا يمكن أن يدعوها إلا أب أو أم محبة.هذا جزء لا يتجزأ من حال كبار السن
من آبائنا وأمهاتنا وما آلوا إليه بعد أن أفنوا حياتهم في تربيتنا..
فرددنا الجميل لهم بأن أوكلناهم لأنفسهم حتى يقضوا حاجاتهم وجعلناهم عرضة للترضي والترجي والاستهزاء
حتى يتم مساعدتهم بل وأودعناهم بأيدي العمالة والتي لم تطأ الرحمة قلوبهم في التعامل معهم فما كان منهم
إلا أن خضعوا لسوء التعامل حتى لا يفقدوا الشيء الوحيد الذي كافأناهم به ومننا به عليهم فيفقدوا بذلك الأنيس
الوحيد لوحدتهم..
وتركنا أنفسنا لنقضي حاجة أبنائنا ونراعي مصالحهم دون تبرم وسخط.وفي السير أن أحد السلف ماتت أمه فبكى بكاءً مريراً ، قالوا له : ما يبكيك ..قال : باب من أبواب الجنة أُغلق عني..
فيا من له بابان مازلا مفتوحين أو باب واحد..
أدلج لهما فو الله لهما أسهل الأبواب دخولا ولن تعلم بذلك حتى تفقد أحدهما أو كليهما ..بارك الله لكم فيمن بقي منهم لديكم ورحم الله من قُبِض منهم..

5 التعليقات:

ali يقول...

باب الجنة وصرير العجل

أختي الفاضله هند المسند


تحيه وتقدير لشخصك الكريم واسمحيلي يا أخت هند أن أعلق على مقالتك المنشوره بالامس حيث نظراً لكثره مشاغلي العمليه لم أستطع تصفح جردتنا اليوم إلا في وقت متأخر حيث رجعت إلى أرشيف الموقع الالكتروني للجريده .

بداية ذكر الله في كل وقت وكل حين


وثانياً صلاة وسلام على الرسول الأمين محمد بن عبدالله صلوات ربي وسلمه عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بأحسان الى يوم الدين


وثالثاً استوقفتني الخاتمه الرائعه المقالتك التي تنقش بماء الذهب والتي ختمتي بها بقولك ( فيا من له بابان مفتوحين أو باب واحد .. أدلج لهما أسهل الابواب دخولاً ولن تعلم بذك حتى تفقد أحدهما أو كليهما ) ...إنتهى .

خلال قراءه الخاتمه جاء في خاطري ومخيلتي خالي الغالي أخو الوالده الله يحفظها ويطول في عمرها اللهم آمين
حيث نشاء مع أخته إللي هي أمي أطال في عمرها يتيمين ربتهما جدتي الله يرحمها ويرحم أمواتكم اللهم آمين
ويوم جنازة جدتي الله يرحمها وبعد دفنها وخلال استقبال المعزين والذين توافدوا من كل حدب وصوب وبعد مرور ثلاثه أيام قلت لخالي الله يطول في عمره تحس بفراق أمك فقال لي ( والله ثم والله أنني ألان أحسست بإني يتيم ولن يعوضني فراقها سوى الذكريات الجميله التي تمر عليّ فتسلي خاطري المكسور على فراقها ) ...إنتهى
أختي هند
والله أنني أحمد الله ألف مره أن والوالدين الله يطول في عمرهم موجودين على قيد الحياه وعندي بالبيت فكم هو يوم مبروك وسعيد يوم تفتح عيينيك وتصبح عليهم وتقُبل راسهم ويديهم وتسمع دعاهم وأنت خارج للبيت بإن الله يوفقك ويسدد خطاك ويكفيك شر طريقك
أه ثم أه ثم أه على ناس تجردو من كل معاني الانسانيه الصادقه عندما رموا أحد أو كلاهما في دار العجزه التي تغص النبره عند نطقها من لديه ذره رحمه في صدره ولنا في دار العجزه من القصص المحزنه والمبكيه ما الله به عليم .
أختي هند المسند سامحيني أطلت عليك في تعليقي او ما يسمى في لغه أهل الاعلام المداخله على مقالتك
وتقبلي خالص تحياتي والله يحفظك ويرعاك .

النجلا يقول...

انتزعتَ الرحمة من القلوبَ ..

لآ إله إلآ الله ولآ حول ولآ قوة إلآ بك
أستغفرك وأتوب إليكَ ،

آلعقوق يوجع القلب


لن أنسى منظر أبي صاحب الشخصية الشديده
عند مرض جدي "رحمة الله عليه" كان عند رأسه يغسل وجهه ويقبله ويقرأ عليه
منظر أبي كان مهول بالنسبه لي اكثر من منظر جدي المريض الذي لا يتحرك
رحمة الله عليكَ ياجدي الحبيب ،


لآ تقلقي استاذتنآإ .. كمآإ أن هنآإكَ عقوق ، إيضاً هنآإكَ بر بالوآلدينَ
والثآنية تغلبَ بإذن الله ،

هند المسند يقول...

بوركت أستاذ علي .. وشكرا لمرورك

هند المسند يقول...

بإذن الله يالنجلا ... بإذن الله فوالله هذامايستحقانه بعد هذا التعب والذي لم تشاركهم فيه خادمة أو سائق بل كانا هم المتحملين لهذا العناء بمفردهم وحُق لهم أن يكونا بابا للجنة

شقيقتك يقول...

مقال رائع كالعااااادة ..
كنت قاعده انتظر نهاية الموقف .. توقعت انك تقومين تدفين العربه و تهاوشين الهندي ههه

إرسال تعليق