خمسة X وآحد

بواسطة Clip Birds يوم الجمعة، 16 أكتوبر 2009 القسم : 4 التعليقات
تدفقت الذكريات تباعاً في عقله وهو ينظر إلى جسد زوجته مسجى أمامه بلا حراك يغلفها البياض والأسلاك تغذي جسدها بعد عملية جراحية قيل له فيها : إنها إجراء مؤقت ولكن العلم لديه سبحانه وتعالى لم يخطر في باله في تلك اللحظة أي شئ سوى كيف كانت البداية.
ارتسمت ابتسامة صفراء على شفتيه لتوقف تدفق دموعه ... وهذا الأمر هو قمة الألم في داخل النفس .
عادت به ذاكرته إلى الأيام التي جمعت بينهما... لم يتذكر فرحتهما بالصبي الأول ولم يتذكر مراحل انتقال حياتهما تباعاً حتى حاكت الروتين القاتل لأي حياة. فقد كانت هذه الدوامة قد أخذت مأخذها منهما ... فكان كسب القوت وتأمين الحياة ثم العودة وحل المشاكل والفصل بين الأبناء وزيارة الأهل وتأدية الواجبات ... حتى أصبحت كلمة الحب أو الشوق لعودة أحدهما للآخر أو الخلوة للحديث الذي يخصهما معدومة.

أخذ يبحث في عقله متى كان ذلك ؟ لماذا تحولت الحياة إلى هذا النمط ؟ على من تقع المسؤولية ؟؟
ولم يجد لذلك أي إجابة.
أخذ ينظر إليها وهي ساكنة ... وهذا هو دأبها الدائم معه ... كان لا يسمع لها حساً عالياً ... تناديه بأحب الأسماء إليه ...
تحاول ألا تستقبله بأي متطلبات أو شكوى قد تجعله ينفر من المنزل. بذلت جميع ما تستطيع أن تفعل حتى تجعل بيته مكان راحته وتواجده لإيمانها التام بأن وجود الأب بين أبنائه هو الأصل في التربية مهما بذلت الأم.
كانت تؤمن بأن وجوده هو القوة التي تستمدها حتى تربي هؤلاء الصبية خير تربية لأنه أمامهم وهو خير مثال في نظرها طالما أنه لا يترك عباداته ... وكالطفل الصغير كان يتذكر كيف كانت تدفعه إلى ذلك بكلماتها الرائعة ووقوفها دوماً إلى جانبه في هذه الأمور وتذكيرها الدائم له بصلة رحمه والتذلل لوالديه والتقرب من أخوته وتفقد أخواته وتجعل أبناءها دوماً معه وإلى جانبه حتى يرون تلك الأفعال فتكون في صميم حياتهم فيجازونها بالمثل
فكان لسان حاله دائماً يقول لها ( رحم الله من رباك ... وأشكر الله أن أنعم علي بك ).
وكان يكفيها ذلك فترد عليه بابتسامة مؤمنة على هذه الدعوة ... وليس كغيرها ممكن لا ترضى بغير النفيس والغالي وتحقيق متطلباتها حتى تبتسم له .. وكان يغبط نفسه حينما يسمع شكوى أصحابه.

اختلفا كثيراً في بداية حياتهما وكانت النقاشات تحتدم إلا أنها كانت تتراجع دوماً أمام غضبه وتطالبه بالصبر فهما من عالمين مختلفين ولابد من الاصطدام .. لكنه كان يقابل ذلك بالخروج من المنزل والابتعاد عنها وهجرها دون حديث بالأيام ... وضع يديه بين كفيه لئلا يرتفع صوت بكائه نادماً على أنه أضاع يوماً من أيام حياتهما بذلك وكان قادراً على ألا يفعل ذلك ولكن ....
أيقن في هذه اللحظة أنه لن يفقد زوجة فقط ...
بل كان سيفقد الصديقة التي كانت تستمع له حين يشتكي
وسيفقد الحبيبة التي كانت تحتضن ألمه وحزنه وضيقه وغضبه ومرضه.
كان سيفقد الأخت التي كانت تعنى بجميع أموره.
كان سيفقد الأم الحنون المتواجدة دوماً حوله التي تفهمه دون أن يتحدث وتلبي دون أن يطلب وتسامح دون أن يطلب.

نعم كان سيفقد خمسة أشخاص في شخصها ... لكن لماذا لم يرها إلا الآن وهي ترقد بلا حراك وقد نهش المرض أعضاؤها واقتربت نهايتها ؟؟؟

نعم ... لماذا علينا الانتظار طويلاً وقد لا يسعفنا الوقت حتى نرى قيمة العملة النادرة في حياتنا وقيمة من يبذلون الحب لنا بصدق.
وعدها بينه وبين نفسه بأن ذلك سيتم حين يعودا لمنزلهما وسيكون التغيير والعودة لأولى حياتهما وسيبذل كل ما يستطيعه ليعوضها عن كل يوم ابتعد عنها فيه ... لكن للأسف كان قدر الله أسبق لها.
كثير منا يحوي داخل منزله وأمامه تلك الشخصية لكنه مازال لا يراها ... فليسأل نفسه .. متى سيكون ذلك ومن الأسبق رؤيته أم الأجل؟ ودون أن يدرك
دعوة لكم ...
أنظروا جيدا لكل ماهو رائع في حياتكم قبل فوات الاوان.
أنظروا جيدا لكل ماهو رائع في حياتكم قبل فوات الاوان.
أنظروا جيدا لكل ماهو رائع في حياتكم قبل فوات الاوان.

4 التعليقات:

mesnd يقول...

تصفيق حار جداً جداً ..

رائع رائع رائع ...

( كثير منا يحوي داخل منزله وأمامه تلك الشخصية لكنه مازال لا يراها ... فليسأل نفسه .. متى سيكون ذلك ومن الأسبق رؤيته أم الأجل؟ ودون أن يدرك )

صح عليك وأروع توقيع لأجمل مقال قرأته في جريدة اليوم حتى الآن ..

هند المسند يقول...

الله يخليك لي يافيصل ( بوعبدالله ) ويخلي لك لك ولدك ... وطبيعي يكون هذا تعليقك لأن عينك شافتنا إحنا وقلبك احتضنا إحنا فكيف أم عيالك ..
الله يديم علي نعمة ربي واللي أهمها وجودك بحياتي ويديم عليك نعمة الزوجة الصالحة ولولولي الجميل

فيصل يقول...

لقد احنست القول ببطاقة دعوة رائعه في نهاية الموضوع واحببت ان اضيف اليها بعد اذنك

اختي الكريمة الإستاذة ... هند
ابدأ حياتك من جديد بلا هموم ولا قلق ولا أحزان ...
تعرّف على وضعك الحالي وما تملكه من إمكانيات وقدرات ومواهب حتى لو كانت قليلة ،
وغيّر نفسك وراجع حساباتك وأمورك بين فترة وأخرى ...
حينها ، سوف تسعد وتحس بالحياة الجميلة والسعادة والراحة والنقاء والصفاء والعطاء ...

وفقكم الله ، وسدد خطاكم ، وإلى الأمام دائماً .. واضع يدي بيد بوعبدالله لنصفق سويا جدا ...قرة عينك بإبوعبدالله وقرة عينه بكِ ...

هند المسند يقول...

الله يجزاك ياأستاذ فيصل ... على دعوتك الطيبة وأسأل الله لهاالقبول
والإضافة ... أضفت عالمقال فائدة أكبر وياليت من يستفيد

إرسال تعليق